مع تقدّم السّرطان وتطوّره، قد ينتشر إلى أجزاءٍ أُخرى في الجسم، ولكن هل من المُمكن أن يصِل السّرطان إلى العمود الفقري؟

ماذا يعني انتشار السرطان في العمود الفقري؟

يُشار إلى انتشار السرطان في العمود الفقري بسرطان العمود الفقري النقيلي (بالإنجليزية: Metastatic Spinal Cancer)، ويُعرف بأنه السرطان الذي انتشر إلى العمود الفقري من مناطق أخرى من الجسم، وحوالي 30% - 70% من المصابين بالسرطان يصابون بسرطان العمود الفقري النقيلي أثناء مرضهم، وتعد سرطانات الرئة والبروستاتا والثدي أكثر أنواع السرطانات شيوعًا التي تنتشر في العمود الفقري.[١]


ما سبب انتشار السرطان في العمود الفقري؟

تحدث النقائل السرطانية الشوكية (بالإنجليزية: Spinal Metastases) نتيجةً لهروب خلية سرطانية من الورم السرطاني الأصلي، وترسبها ونموها في العمود الفقري العظمي أو النخاع الشوكي، وتصل الخلايا السرطانية عادةً إلى العمود الفقري عبر مجرى الدم، وبعد ذلك تدخل إلى نخاع العظم حيث تبدأ في التكاثر والنمو، وللأسف لم يتم إلى الآن معرفة سبب قدرة الخلايا السرطانية لدى بعض المصابين على القيام بذلك.[٢][٣]


أين تتكون أورام العمود الفقري؟

في الحقيقة لا يقع العمود الفقري في مكانٍ واحد في الجسم، بل يمتد على طول الظهر بالكامل من الرقبة إلى الحوض، ويتكون من أنواع مختلفة من الأنسجة، ومن المُمكن ظُهور الورم في كل نوع من الأنسجة تقريبًا، وفيما يلي بعض الأنسجة التي قد تتطور إلى أورام وسرطان في العمود الفقري:[١]

  • العظام التي تُشكل فقرات العمود الفقري، بما في ذلك النخاع العظمي الذي يتواجد داخلها.
  • الغضروف الذي يحمي المفاصل في الفقرات.
  • أقراص العمود الفقري التي تعمل كوسادة مُبطنة للفراغ بين الفقرات.
  • الأوعية الدموية التي تزوّد العمود الفقري بالعناصر الغذائية التي يحتاجها.
  • الأعصاب المحيطية التي تخرج من الفقرات.
  • الأم الجافية (بالإنجليزية: Dura Mater)، والأم الحنون (بالإنجليزية: Pia Mater)، والأم العنكبوتية (بالإنجليزية: Arachnoid Mater)، وهي ثلاث طبقات من الأغشية التي تُغلف الحبل الشوكي.
  • الحبل الشوكي (بالإنجليزية: Spinal Cord).




معظم أورام العمود الفقري النقيلية قد عُثر عليها في الفقرات؛ أي عظام العمود الفقري، ونادرًا ما تنمو في النخاع الشوكي أو الأم الجافية، وعندما ينتشر السرطان إلى العظم فإنه عادةً ما يكون في واحدة أو أكثر من الفقرات؛ وذلك بسبب الشبكة الوريدية الواسعة للعمود الفقري.




أعراض سرطان العمود الفقري النقيلي

تعتمد الأعراض والعلامات المرافقة لسرطان العمود الفقري النقيلي إلى حدٍ كبير على حجم الورم، وموقعه، وتختلف من حالةٍ لأخرى، وتشمل الأعراض والعلامات الأكثر شيوعًا لأورام العمود الفقري ما يلي:[٤]

  • آلام الظهر، وتكون آلام الظهر ناتجة إما عن ورم يحل محل العظام الأساسية، ويسبب كسرًا انضغاطيًا في الفقرة، أو الورم الذي يضغط على العصب، كما قد تزداد آلام الظهر سوءًا أيضًا مع الوقوف أو الحركة؛ وهي علامة على أن الورم يُسبب عدم استقرار في عظام العمود الفقري.
  • ضعف في الذراعين أو الساقين.
  • خدر أو وخز في الذراعين أو الساقين.
  • صعوبة في المشي أو التوازن.
  • مشاكل حسية.
  • فقدان السيطرة على الأمعاء أو المثانة.


تشخيص سرطان العمود الفقري النقيلي

فيما يلي بيانًا للطرق الشائعة للكشف عن سرطان العظام النقيلي وتشخيص الإصابة به:


التاريخ الطبي

خلال هذا الإجراء يتعرف الطبيب على التاريخ الطبي للمصاب، بما في ذلك السؤال عما إذا كان لديه تشخيص سابق بالسرطان، أو إذا كان مُدخِّنًا، كما سيطلب منه وصف ألمه ومدته، وقد تتضمن الأسئلة المحددة حول الألم ما يلي:[٥]

  • هل يسوء ألم الظهر في الليل؟
  • هل استمر الألم لمدة 6 أسابيع على الأقل على الرغم من العلاجات المستخدمة لآلام الظهر كالأدوية المسكنة للألم، ومضادات الالتهاب، والستيرويدات، والراحة، وتمارين التمدد أو العلاج الطبيعي، واستخدام الثلج أو الحرارة؟
  • هل هُناك آلام ظهر مستمرة؟


الفحص البدني

أثناء الفحص البدني يتحقق الطبيب مما إذا كان هنالك مشاكل في طريقة المشي، ويفحص التوازن، ويبحث عن أي ضعف في الأطراف.[٥]


فحص الدم

يمكن أخذ عينة دم وفحصها بحثًا عن بعض المواد، مثل الكالسيوم والفوسفاتيز القلوي (بالإنجليزيّة: Alkaline phosphatase)، والتي يتم عادةً إطلاقها في الدم عندما تتضرّر أنسجة العظام بفعل السرطان.[٥]


فحص العظام

يقوم الطبيب بحقن كمية صغيرة جدًا من مادة مشعة في الوريد، ثم يستخدم التصوير لفحص العظام، ويساعد تتبع حركة المواد المشعة على اكتشاف المناطق غير الطبيعية في العمود الفقري.[٥]


اختبارات التصوير

تعد اختبارات التصوير إجراءً تشخيصيًا ضروريًا، وتشمل التصوير بالأشعة السينية، والتصوير المقطعي المحوسب، والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني، وتصوير النخاع (بالإنجليزية: Myelography)، والتصوير بالرنين المغناطيسي،[٦][٧] وتهدف هذه الاختبارات إلى:

  • تحديد تفاصيل أدق حول مكان ورم العمود الفقري، وحجمه، وكثافته، وخصائص أخرى.[٧]
  • التمييز بين الآفات الخبيثة والحميدة.[٦]
  • تقييم جودة العظام في العمود الفقري.[٦]
  • تحديد مرحلة الورم أو درجته، وما إذا كان منتشرًا إلى أجزاء أخرى في الجسم.[٦]
  • تحديد خطة العلاج الأنسب للحالة الصحية.[٦]


الخزعة

على الرغم من دور اختبارات التصوير سابقة الذكر في تحديد نوع الورم الأكثر احتمالًا، إلا أنه في بعض الحالات قد تكون هنالك حاجة لأخذ خزعة إذا كان التشخيص غير واضح، أو إذا كان هنالك قلق من الورم الخبيث مقابل نوع الورم الحميد، وإذا كان الورم خبيثًا فإن الخزعة تساعد أيضًا على تحديد نوع السرطان، والذي يحدد لاحقًا خيارات العلاج الأنسب، ولإجراء الخزعة يستخدم الطبيب إبرة لأخذ عينة من نسيج الورم أو المنطقة المتغيرة من العظام للمساعدة على تحديد السبب، ثم يدرس أخصائي علم الأمراض العينة لتحديد ما إذا كان الورم ينمو أو ينتشر، وإذا كان الأمر كذلك فبأي سرعة.[٨]


هل يمكن علاج سرطان العمود الفقري النقيلي؟

قديمًا كانت تعد النقائل السرطانية الشوكية حالةً غير قابلة للشفاء، ومع ذلك تشير الدراسات الحديثة إلى أنه مع العلاج المكثف الذي يتضمن الاستئصال الجراحي، والجراحة الإشعاعية التجسيمية، قد يكون لدى بعض المصابين الذين يعانون من واحدة أو عدد قليل من النقائل في العمود الفقري فرصة للشفاء، وفي المصابين الذين يعانون من العديد من النقائل الشوكية تكون فرصة الشفاء أقل احتمالًا مع الأسف، ولكن يمكن السيطرة على نقائل العمود الفقري إما مؤقتًا أو لمدة طويلة نوعًا ما مع علاجات السرطان كالاستئصال الجراحي، والجراحة الإشعاعية التجسيمية (بالإنجليزيّة: Stereotactic radiosurgery)، والإشعاع، والعلاج الكيميائي، وتهدف هذه العلاجات إلى التحكم بالورم؛ بمعنى إيقاف أو إبطاء نمو النقائل الشوكية الحالية، ومنع أو إبطاء نمو النقائل الشوكية الجديدة، ويمكن أن توفر علاجات النقائل الشوكية عدة أشهر وربما سنوات من السكون، ونوعية حياة أفضل للمصاب عن طريق السيطرة على النقائل الشوكية خلال تلك الفترة، وبعد الانتهاء من علاج سرطان العمود الفقري النقيلي، يجب الاستمرار في الحصول على الرعاية الصحية بانتظام، ويمكن للطبيب مراقبة الحالة بحثًا عن علامات نمو الورم الجديد وعلاجها على الفور.[٢][٥]


كيف يمكن الوقاية من انتقال السّرطان للعمود الفقري؟

للأسف لا يمكن الوقاية من سرطان العمود الفقري النقيلي، ولكن يمكن تقليل خطر الإصابة به عن طريق الالتزام بجميع مواعيد المتابعة، والحصول على العلاج الفوري لأي سرطان مشتبه به.[٥]


الأكثر عرضة لخطر الإصابة بسرطان العمود الفقري النقيلي

يتعرض أي شخص مصاب بالسرطان لخطر الإصابة بسرطان العمود الفقري النقيلي، إلا أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي للإصابة بالسرطان معرضون لخطر أكبر للإصابة به من غيرهم.[٥]


المراجع

  1. ^ أ ب "Spinal Cancer and Spinal Tumors", hopkinsmedicine, Retrieved 29/7/2021. Edited.
  2. ^ أ ب "Spinal Metastases", urmc, Retrieved 29/7/2021. Edited.
  3. David DeWitt (21/2/2020), "Metastatic Spine Tumors", spine-health, Retrieved 29/7/2021. Edited.
  4. "Spine Metastasis", dukecancerinstitute, Retrieved 29/7/2021. Edited.
  5. ^ أ ب ت ث ج ح خ "Metastatic Spinal Tumors", clevelandclinic, 4/6/2021, Retrieved 29/7/2021. Edited.
  6. ^ أ ب ت ث ج "Spine Tumors Diagnosis", mskcc, Retrieved 29/7/2021. Edited.
  7. ^ أ ب Khoi D. Than (27/5/2019), "Symptoms of Metastatic Spine Cancer and Spinal Tumor Diagnosis", spineuniverse, Retrieved 29/7/2021. Edited.
  8. "Spinal Tumors", aans, Retrieved 29/7/2021. Edited.