التّدخين من أبرز وأشهر مُسبّبات الوفاة حول العالم، إذ أُشير إلى أنّه قد يتسبب في وفاةِ ما يُقارب نصف مستهلكيه، ويبلغ عدد الأشخاص الذين يدخنون السجائر أو منتجات التبغ الأخرى حول العالم ما يفوق المليار شخص،[١] ويتسبب التدخين في وفاة أكثر من 8 ملايين شخص سنويًا،[٢] كما قد أشارَت الوِلايات المُتّحدة أنّ 90% من المتوفين بسبب سرطان الرئة كانوا من المدخنين.[٣]

كيف يتسبب التدخين في الإصابة بالسرطان؟

يمكن أن تتسبب السموم الموجودة في دخان احتراق التّبغ في إتلاف الحمض النووي لخليّةٍ ما في الجسم أو تغييره، ويُعد الحمض النووي "DNA" بمثابة دليل التعليمات للخلية الذي يتحكم في نُمو الخليّة الطبيعي ووظائفها، وعندما يتلف الحمض النووي فإنه يمكن للخلية أن تبدأ في النمو خارج نطاق السيطرة، وهو ما يُعرف بالورم السرطاني، وفي الواقِع يمكن أن تُضعف السموم الموجودة في دخان السجائر جهاز المناعة في الجسم؛ مما يجعل من الصعب عليه قتل الخلايا السرطانية، وعندما يحدث ذلك تستمر الخلايا السرطانية في النمو دون توقف.[٤]


التدخين وتلف الحمض النووي والسرطان

يتواجد الحمض النووي في جميع خلايا الجسم ويتحكم في سلوكها، ويمكن لسيجارة واحدة فقط أن تُلحق الضرر بالحمض النووي؛ إذ يطلق دخان السجائر أكثر من 5000 مادة كيميائية والعديد منها ضار، فحوالي 70 مادة كيميائية على الأقل من هذه المواد يمكن أن تسبب السرطان، وتدخل المواد الكيميائية الضارة إلى الرئتين وتنتشر في جميع أنحاء الجسم، مما تتسبب في تدمير الحمض النووي وإتلافه، وتُصعِّب المواد الكيميائية الموجودة في السجائر على الخلايا إصلاح أي تلف في الحمض النووي، كما أنها تُلحق الضرر بأجزاء الحمض النووي التي تحمي من السرطان، وعندما يتراكم تلف الحمض النووي في نفس الخلية بمرور الوقت فإنه يؤدي إلى الإصابة بالسرطان.[٥]


أنواع السرطان الناتجة عن التدخين

أُشيرَ إلى أنّ التدخين سبب للإصابة بـ 12 نوعًا من السرطان، وهي:[٣]

  • الرئة، والقصبة الهوائية، والشعب الهوائية.
  • البلعوم الفموي (بالإنجليزية: Oropharynx)، وهو جزء من الحلق يقع في مؤخرة الفم.
  • المريء (بالإنجليزية: Esophagus)، وهو الأنبوب الذي يربط بين الحلق والمعدة.
  • الحنجرة (بالإنجليزية: Larynx).
  • القولون والمستقيم (بالإنجليزية: Colorectal - Colon and Rectum).
  • الكبد.
  • المعدة.
  • المثانة.
  • ابيضاض الدم النخاعي (بالإنجليزية: Myeloid Leukemia).
  • البنكرياس.
  • الكلى والحالب.
  • عنق الرحم (بالإنجليزية: Uterine cervix).


التدخين وسرطان الرئة

وِفقًا لمراكز السّيطرة على الأمراض والوِقاية منها "CDC"، فإنّ الأشخاص الذين يدخنون السجائر هم أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة أو الوفاة بسرطان الرئة بحوالي 15 - 30 مرة مقارنةً بالأشخاص غير المدخنين، ومهما كان عدد السجائر التي يدخنها الشخص في اليوم منخفضًا، أو حتى لو كان يُدخن في بعض الأحيان فإن ذلك يزيد من خطر الإصابة بسرطان الرئة، وكلما زاد عدد السنوات التي يدخن فيها الشخص، وزاد عدد السجائر التي يدخنها كل يوم، زادت مخاطر الإصابة بسرطان الرئة.[٦]



في الحقيقة لا توجد طريقة آمنة لاستخدام التبغ، ومهما كانت مدة المكوث في مكان مع شخص مدخن، أو مدة التعرض للدخان غير المباشر منخفضة فإن ذلك يزيد من خطر الإصابة بالسرطان.




كيف يؤثر التدخين السلبي في الرئتين؟

يأتي التدخين السلبي على شكلين هما الدخان الذي يتنفسه المدخن من السيجارة، والدخان الخارجي الذي يأتي من السيجارة أو السيجار المحترق، وأثناء التعرّض للتدخين السلبي فإن الشخص يتنفس المواد الكيميائية ذاتها التي تحتويها السيجارة والتي يتنفسها الشخص الذي يدخن، وبالتالي فإن لها التأثير نفسه على الشخصين؛ إذ لا يهم الرئتين كيف يصل الدخان إليهما، ففي كلتا الحالتين يُسبب ذلك سرطان الرئة، وللأسف لا توجد كمية آمنة من التدخين السلبي، فحتى الكمية القليلة منه تضر، وتمامًا كما هو الحال مع التدخين، كلما زاد التدخين السلبي وزادت مدة التواجد في البيئة التي يكثر فيها، زادت مخاطر الإصابة بسرطان الرئة، ويمكن أن يؤدي العيش مع مدخن إلى زيادة فرصة الإصابة بسرطان الرئة بنسبة تصل إلى 0.[٧]


كيف يمكن منع الإصابة بالسرطانات المرتبطة بالتدخين؟

يُحسن الإقلاع عن التدخين من صحة المدخنين على مختلف أعمارهم، ويمكن تقليل مخاطر الإصابة بمعظم المشكلات الصحية الناجمة عن التدخين بما في ذلك السرطان عن طريق الإقلاع عن التدخين، كما يمكن للأشخاص من جميع الأعمار تحسين صحتهم إذا أقلعوا عن التدخين، والجدير بالذكر أن الأشخاص الذين يقلعون عن التدخين تقل لديهم فرصة الإصابة بسرطان الرئة بنسبة 0 - P بعد 10 سنوات مقارنةً بالأشخاص الذين استمروا ولم يقلعوا عن التدخين، كما أن خطر الإصابة بسرطان الفم أو المريء ينخفض إلى النصف في غضون 5 سنوات بعد الإقلاع عن التدخين،[٨] ومن الطرق الأكثر شيوعًا التي يمكنها أن تساعد المدخنين على الإقلاع عن التدخين ما يأتي:[٩]

  • تقديم المشورة: فالأشخاص الذين لديهم جلسة استشارية مع أطبائهم هم أكثر قابليّة للإقلاع عن التدخين.
  • العلاج الدوائي: يستخدم العلاج بالأدوية أيضًا لمساعدة الأشخاص على الإقلاع عن التدخين، وتشمل هذه المنتجات بدائل النيكوتين كعلكة النيكوتين ورقع أو لصقات النيكوتين، والأدوية التي لا تحتوي على النيكوتين مثل بوبروبيون (Bupropion)، والجدير بالذكر أن الأشخاص الذين يستخدمون أي نوع من العلاج الدوائي هم أكثر عرضة للإقلاع عن التدخين بعد 6 أشهر من أولئك الذين يستخدمون الدواء البديل أو لا يتناولون نهائيًا أي علاج دوائي للإقلاع عن التدخين.
  • الحد من التدخين: عادةً ما يلجأ المدخنون إلى تقليل عدد السجائر التي يدخنونها بدلًا من الإقلاع الكلي عن التدخين؛ إذ إنه كلما زاد عدد السجائر التي يدخنها الشخص زاد خطر إصابته بسرطان الرئة وأنواع السرطان الأخرى المرتبطة بالتدخين، وتشير الدراسات إلى أن المدخنين الذين يحدون من التدخين، ويقللون عدد السجائر التي يدخنونها هم أكثر عرضة للإقلاع عن التدخين في المستقبل.


آثار أخرى للتدخين على الصحة

يمكن أن يؤثر التدخين في صحة الشخص بعدة طرق، مما يضر تقريبًا بكل عضو في الجسم، وفيما يلي بعض الأضرار التي يُلحقها التدخين بالصحة:[١٠]

  • زيادة خطر الإصابة بأمراض اللثة وفقدان الأسنان.
  • انخفاض وظيفة جهاز المناعة.
  • زيادة خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني.
  • تراجُع حاستيّ الشم والتذوق.
  • شيخوخة الجلد المبكرة.
  • رائحة الفم الكريهة وبقع الأسنان.
  • هشاشة العِظام، مما يعني زيادة خطر الإصابة بكسور العظام.
  • ارتفاع خطر الإصابة بالتهاب المفاصل الروماتويدي.
  • زيادة خطر الإصابة بإعتام عدسة العين.
  • زيادة خطر الإصابة بالضمور البقعي المرتبط بالعمر، والذي يمكن أن يؤدي إلى العمى.
  • بطء التئام الجروح.


المراجع

  1. Onur Ozturk and Izzet Fidanci (1/8/2016), "The Relationship Between Smoking and Cancer: Mini Review", researchgate, Retrieved 21/7/2021. Edited.
  2. "Tobacco", who, Retrieved 9/10/2021. Edited.
  3. ^ أ ب Neha Pathak (24/9/2020), "Smoking and Cancer Risk", webmd, Retrieved 21/7/2021. Edited.
  4. "Smoking and Cancer", cdc, 2/4/2021, Retrieved 21/7/2021. Edited.
  5. "How does smoking cause cancer?", cancerresearchuk, 19/3/2021, Retrieved 21/7/2021. Edited.
  6. "What Are the Risk Factors for Lung Cancer?", cdc, 22/9/2020, Retrieved 21/7/2021. Edited.
  7. Carol DerSarkissian (21/7/2019), "How Does Smoking Lead to Lung Cancer?", webmd, Retrieved 21/7/2021. Edited.
  8. "CIGARETTE SMOKING: HEALTH RISKS AND HOW TO QUIT", mhealth, Retrieved 21/7/2021. Edited.
  9. "Preventing Cancers (and Other Diseases) by Reducing Tobacco Use", ncbi, Retrieved 21/7/2021. Edited.
  10. "Health Risks of Smoking Tobacco", cancer, 28/10/2020, Retrieved 21/7/2021. Edited.