يوجد العديد من أنواع سرطانات الدم، ويعدّ سرطان الدم النخاعي الحاد (بالإنجليزية: Acute Myeloid Leukemia) أحد هذه الأنواع، ويُعرف كذلك بابيضاض الدم النقوي الحاد، وهو نمو غير طبيعي لخلايا الدم البيضاء غير الناضجة (خلايا الأورمة النقوية (بالإنجليزية: Myeloblast cells)) في نخاع العظم، ويرافق هذا السرطان عادة مجموعة من الأعراض، مثل: الحمى، وضيق التنفس، وظهور الكدمات أو النزيف بشكل غير معتاد، وإذا لاحظ المريض هذه الأعراض فيجب عليه مراجعة الطبيب الذي قد يحيله إلى طبيب أورام أو اختصاصي بأمراض الدم، وذلك للتحقق من الاضطراب المُسبِّب لهذه الأعراض، والذي قد يكون سرطان الدم النخاعي الحاد، من خلال إجراء مجموعة من الفحوصات،[١][٢] فما هي هذه الفحوصات؟ وكيف يكون تشخيص هذا النوع من السرطانات؟

تشخيص سرطان الدم النخاعي الحاد

يتمثل تشخيص سرطان الدم النخاعي الحاد عادة بإجراء سلسلة من الاختبارت، وتجدر الإشارة إلى أنّ بعض هذه الاختبارات سيتم إعادته خلال العلاج أو بعده؛ للتحقق من فعالية العلاج،[٣] وفيما يلي توضيح لهذه الفحوصات بشيء من التفصيل:


التاريخ الطبي والفحص البدني

بإجراء الطبيب فحص بدني شامل للمريض، يتحقق فيه من عيني المريض، وفمه، وجلده، وعقده الليمفاوية، والكبد، والطحال، والجهاز العصبي، فضلًا عن ضرورة التحقق من وجود أي نزيف أو علامات عدوى، أو كدمات.[٤]


فحوصات الدم

يعد الارتفاع الشديد في عدد خلايا الدم البيضاء أحد العلامات التي قد تدل على الإصابة بسرطان الدم النخاعي الحاد، بالإضافة إلى انخفاض عدد الصفائح الدموية وكريات الدم الحمراء، لكن في بعض الحالات قد يكون مستوى خلايا الدم البيضاء منخفضًا جدًّا،[٥] وفي جميع الأحوال فإنّ الطبيب يطلب أخذ عينة دم من الوريد، وترسل إلى المختبر لأجل الفحوصات التالية:[٣]

  • تعداد الدم الكامل: (CBC) يساعد هذا الفحص على بيان عدد خلايا الدم الحمراء، وخلايا الدم البيضاء، والصفائح الدموية في الدم.
  • شريحة الدم المحيطية: (بالإنجليزية: Peripheral blood smear) تكمن أهمية هذا الفحص في إظهار وجود خلايا الأورمة النقوية، أي خلايا الدم البيضاء غير الناضجة في الدم؛ إذ إن عددها يكون مرتفعًا جدًّا في الدم لدى الأشخاص المُصابين بسرطان الدم النخاعي الحاد، على عكس خلايا الدم البيضاء الناضجة التي يكون عددها قليل جدًّا، والمشكلة في خلايا الأورمة النقوية أنّها لا تعمل بنفس كفاءة خلايا الدم البيضاء الناضجة.
  • كمية الهيموجلوبين: (بالإنجليزية: Hemoglobin)، وهو بروتين يحمل الأكسجين ويتواجد في خلايا الدم الحمراء، وقد يطلب الطبيب إجراء هذا الفحص أحيانًا، إذ يساعد قياس كميته على تشخيص سرطان الدم النخاعي الحاد، وذلك لأن المستويات المنخفضة منه قد تشير إلى انخفاض إنتاجه، وهذا ما يحدث فعليًّا عند الإصابة بهذا السرطان.[١]


اختبار نخاع العظام

يستدعي الاشتباه بالإصابة بسرطان الدم النخاعي الحاد إجراء اختبار لنخاع العظم للتحقُّق من الإصابة بسرطان الدم النخاعي الحاد، ففحوصات الدم لا يمكنها تأكيد الإصابة بسرطان الدم، وفي هذا الاختبار يبدأ الطبيب بسحب عينة صغيرة جدًّا من نخاع العظم باستخدام إبرة، ويكون السحب من منطقة عظم الورك عادة، ثمّ يتم فحص الخلايا تحت المجهر من قِبل طبيب آخر للتحقق من الخلايا ما إذا كانت سرطانية أم لا، ويعدّ هذا الإجراء مؤلمًا بعض الشيء، لذلك يكون فيها المريض تحت تأثير التخدير الموضعي، ويستغرق حوالي 15 دقيقة لإجراءها، وفي هذا الاختبار قد يُشخّص المريض بإصابته بسرطان الدم النخاعي الحاد في حال كانت نسبة خلايا الدم البيضاء غير الناضجة تقارب 20% أو أكثر في نخاع العظم،[٢][٦] وفي الحقيقة يمكن استخدام هذا الاختبار لاحقًا للتحقق من استجابة المريض للعلاج، بالإضافة إلى أهميته في تشخيص سرطان الدم، يمكن الحصول على عينات نخاع العظم من طريقتين:[٧]

  • شفط النخاع العظمي: (بالإنجليزية: Bone marrow aspiration) تنطوي هذه الطريقة على استلقاء المريض على بطنه أو جانبه، ثم يقوم الطبيب بتخدير المنطقة فوق الورك وسطح العظم باستخدام مخدر موضعي، يتبعها بإدخال إبرة رفيعة مجوفة داخل العظم، وثمّ استخدام حقنة لامتصاص كمية صغيرة من النخاع العظمي السائل، ومن الجدير بالعلم أنّ هذه الطريقة قد تسبب بعض الألم عند إزالة النخاع.
  • خزعة نخاع العظم: يُجرى هذا الإجراء عادةً بعد شفط النخاع العظمي، وفيه يسحب الطبيب قطعة صغيرة من النخاع والعظم باستخدام إبرة أكبر قليلًأ من السابقة، وعند الانتهاء من الإجراء يضغط الطبيب على منطقة السحب للمساعدة على وقف النزيف، وكطريقة السابقة فإنّها قد تسبب بعض الألم.




عادةً يجري الطبيب كلا الإجرائين لأخذ خزعة من نخاع العظم في ذات الوقت، فيجري الشفط أولًا ثم أخذ الخزعة.



[٧]

الاختبار الجيني

من الممكن اللجوء للاختبارات الجينية التي تساعد على التحقق من الإصابة بالسرطان عن طريق البحث عن التغيرات الجينية المرتبطة بسرطان الدم النخاعي الحاد في الخلايا المصابة، وهذه التغيرات لا تتواجد في الخلايا الطبيعية، وإنما يقتصر وجودها على الخلايا السرطانية المصابة، كما أنّها لا تتوراث عبر الأجيال،[٨] ومن الاختبارات الجينية الشائعة لمثل هذه الحالات ما يلي:

  • التهجين الموضعي المتألق: (بالإنجليزية: Fluorescent in situ hybridization) واختصارًا (FISH)،[٨] يسحب الطبيب عينة من الخلايا المُشتبه فيها، ويضاف إليها أصباغ مضيئة، تلتصق بأجزاء معينة من الكروموسومات، ثم تُعرَض الخلايا باستخدام ضوء خاص لتحديد السرطاني منها في حال وجوده.[٩]
  • اختبار تفاعل البلمرة المتسلسل: (بالإنجليزية: (Polymerase chain reaction)، واختصارًا (PCR)، يعمل هذا الفحص على زيادة كمية المادة الوراثية في العينة، بحيث يمكنه الكشف عنها وإظهارها، ويساعد اختبار تفاعل البلمرة على متابعة العلاج، والتحقق من مدى فاعليته، وما إذا كانت الحالة تتطلب مزيدًا من العلاجات، يتميز هذا الاختبار بأنّه حساس للغاية، وهذا يعني أنّ له القدرة على اكتشاف مستويات منخفضة جدًّأ من الخلايا السرطانية في الدم والموجودة في عينة الاختبار.[٨][٩]
  • علم الوراثة الخلوية: (بالإنجليزيّة: Cytogenetics)، ينطوي هذا الاختبار على سحب خلايا من المريض، وزراعتها في المختبر لمدة قد تتجاوز الأسبوع، وفي هذا الاختبار يمكن رؤية التغيرات الرئيسية في الكروموسومات، إذ إنّها تصبغ بأصباغ خاصة، وتُعرض بالمجهر، ولكن قد لا تبدو التغيرات البسيطة في الكروموسومات واضحة في هذا الاختبار.[٩]
  • اختبار الكروموسومات: يساعد هذا الاختبار على التعرف على بعض التغييرات التي تحدث في كروموسومات الخلايا، وهذا من شأنه تحديد أنواع معينة من سرطان الدم النخاعي الحاد، إذ إنّ هذا السرطان يتسبب بتغيرات في الكرموسومات، وهذا يمكن ملاحظته تحت المجهر.[١٠]


اختبار التنميط المناعي

يساعد اختبار التنميط المناعي (بالإنجليزية: Immunophenotyping) على منح الطبيب المزيد من المعلومات حول نوع سرطان الدم النخاعي الحاد، وذلك بسبب قدرته على التحقق من وجود بروتينات معينة أو علامات محددة على سطح خلايا سرطان الدم.[١١]



البزل القطني

يوصي الطبيب عادة بإجراء اختبار البزل القطنيّ (بالإنجليزية: Lumbar puncture) في حال الاشتباه بانتشار السرطان إلى الجهاز العصبي المركزي، وينطوي هذا الإجراء على سحب عينة من السائل النخاعي (السائل المحيط بالنخاع الشوكي والدماغ)، من خلال إدخال إبرة صغيرة أسفل الظهر، وثمّ فحص العينة في المختبر، ويكون المريض عادة تحت تأثير التخدير الموضعي أثناء سحب العينة.[١]


اختبارات التصوير

قد يوصي الطبيب بإجراء العديد من اختبارات التصوير، لمعرفة المزيد من المعلومات حول سبب الأعراض التي يعاني منها المريض، ورغم أنّ سرطان الدم النخاعي الحاد لا يسبب أورامًا تظهر في فحوصات التصوير، إلّا أنّ هذه الاختبارات تُستخدم للمساعدة على تشخيص العدوى أو أي مشاكل صحية أخرى التي قد يكون سبّبها هذا السرطان؛ كتضخم الطحال أو العقد الليمفاوية،[١٢][١٣] ومن هذه الاختبارات ما يلي:[١٣]

  • التصوير المقطعي المحوسب (CT scan) ويعتمد هذا الاختبار على استخدام الأشعة السينية التي تنتج صورًا ثلاثية الأبعاد مأخوذة من زوايا مختلفة،[١٣] ومن الممكن استخدام صبغة خاصة قبل الاختبار لتساعد على رؤية الأعضاء بشكل أكثر وضوحًا.[١٢]
  • التصوير بالرنين المغناطيسي (MRI)ة.[١٣]
  • التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (بالإنجليزية: PET Scan).[١٣]


الكيمياء الخلوية

يساعد اختبار الكيمياء الخلوية (بالإنجليزية: Cytochemistry) على تحديد بعض أنواع سرطان الدم، وفي هذا الاختبار تتعرض الخلايا التي سيتم دراستها تحت المجهر لأصباغ كيميائية تتفاعل مع أنواع محددة من خلايا سرطان الدم فقط، فمعظم خلايا سرطان الدم النخاعي الحاد تظهر كبقع سوداء تحت المجهر في هذا الاختبار، ولكن ليس جميع الخلايا.[١٠]


هل يمكن الكشف عن سرطان الدم النخاعي الحاد؟

في الحقيقة لا يوجد فحوصات خاصة يمكنها الكشف عن سرطان الدم، والكشف عن السرطان يعني الفحص دون وجود أي أعراض، والذي يهدف إلى الكشف عن الإصابة بالسرطان في مراحله المبكِّرة، أو التنبؤ باحتمالية الإصابة به، ولذلك يمكن للشخص استشارة الطبيب في حال القلق من الإصابة بسرطان الدم.[١١]


التعامل مع التشخيص

رغم أن تشخيص الإصابة بسرطان الدم النخاعي الحاد يعدّ أمرًا صعبًا، وقد يصعب تقبله نظرًأ لحدوثه عادةً بشكل مفاجىء، والحاجة الملحة لبدء العلاج بشكل فوري، إلّا أنّ إدراك الشخص لنوع سرطان الدم والعلاج المناسب، وما يترتب على هذا العلاج سيساعد الشخص على التحكم بالأعراض والمرض بشكل أفضل.[١٤]


المراجع

  1. ^ أ ب ت "Diagnosing Acute Myeloid Leukemia in Adults", nyulangone, Retrieved 15/6/2021. Edited.
  2. ^ أ ب "How Do I Know If I Have Acute Myeloid Leukemia?", webmd, Retrieved 15/6/2021. Edited.
  3. ^ أ ب "DIAGNOSIS", lls, Retrieved 15/6/2021. Edited.
  4. "Tests for Acute Myeloid Leukemia (AML)", cancer, Retrieved 15/6/2021. Edited.
  5. "Acute myelogenous leukemia", mayoclinic, Retrieved 15/6/2021. Edited.
  6. "Acute Myeloid Leukemia Diagnosis", news-medical, Retrieved 15/6/2021. Edited.
  7. ^ أ ب "Acute Myeloid Leukemia Early Detection, Diagnosis, and Types", cancer, Retrieved 15/6/2021. Edited.
  8. ^ أ ب ت "Diagnostic tests for AML", cancercouncil, Retrieved 15/6/2021. Edited.
  9. ^ أ ب ت "Acute Myeloid Leukemia (AML): Diagnosis ", urmc.rochester., Retrieved 15/6/2021. Edited.
  10. ^ أ ب "Acute lymphoblastic leukemia", healthjade, Retrieved 15/6/2021. Edited.
  11. ^ أ ب "Symptoms and diagnosis of acute myeloid leukaemia (AML)", cancer, Retrieved 15/6/2021. Edited.
  12. ^ أ ب "How Do I Know If I Have Acute Myeloid Leukemia?", webmd, Retrieved 15/6/2021. Edited.
  13. ^ أ ب ت ث ج "Leukemia - Acute Myeloid - AML: Diagnosis", cancer, Retrieved 15/6/2021. Edited.
  14. "Acute myeloid leukaemia", nhs, Retrieved 15/6/2021. Edited.